سورة الأعلى - تفسير تفسير أبي السعود

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الأعلى)


        


{وَيَتَجَنَّبُهَا} أي الذكرَى {الأشقى} من الكفرة لتوغله في عداوة النبيِّ صلى الله عليه وسلم وقيلَ: نزلتْ في الوليدِ بنِ المغيرةِ وعتبةَ بنِ أبي ربيعةَ. {الذى يَصْلَى النار الكبرى} أي الطبقةَ السُّفلَى من طبقاتِ النارِ، وقيلَ: الكُبرى نارُ جهنمَ والصُّغْرى نارُ الدُّنيا لقولِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: «نارُكُم هذهِ جزءٌ من سبعينَ جُزْءاً من نارِ جهنَم» {ثُمَّ لاَ يَمُوتُ فِيهَا} حتى يستريحَ {وَلاَ يحيى} حياةً تنفعُه وثمَّ للتراخِي في مراتبِ الشدةِ لأن الترددَ بين الموتَ والحياةِ أفظعُ من الصَّلْي.
{قَدْ أَفْلَحَ} أي نجَا من المكروهِ وظفرَ بما يرجُوه {مَن تزكى} أيْ تطهرَ من الكفرِ والمعاصِي بتذكرِه واتعاظِه بالذكرَى أو تكثر من التَّقوى والخشيةِ مْنَ الزكاءِ وهو النماءُ وقيلَ تزكَّى تفعَّل من الزكاةِ. وكلمةُ قَدْ لَما أنَّ عندَ الإخبارِ بسوءِ حالِ المتجنبِ عنِ الذكرَى في الآخرةِ يتوقعُ السامعُ الأخبارَ بحسنِ حالِ المتذكرِ فيَها وينتظرُه {وَذَكَرَ اسم رَبّهِ} بقلبِه ولسانِه {فصلى} أقامَ الصلواتِ كقولِه تعالى: {إِنَّنِى أَنَا الله} أو كبرَ تكبيرةَ الافتتاحِ فصلَّى، وقيلَ تزكَّى أي تصدقَ صدقة الفطرِ وذكر اسمَ ربِّه أي كبَّرهُ يومَ العيدِ فصلَّى أيْ صلاتَهُ.
{بَلْ تُؤْثِرُونَ الحياة الدنيا} إضرابٌ عن مقدرٍ ينساقُ إليهِ الكلامُ كأنَّه قيلَ إثرَ بيانِ ما يؤدِّي إلى الفلاحِ: لا تفعلونَ ذلكَ بلْ تؤثرونَ اللذاتِ العاجلةَ الفانيةَ فتسعَونَ لتحصيلِها، والخطابُ إمَّا للكفرةِ فالمرادُ بإيثارِ الحياةِ الدُّنيا هُو الرِّضا والاطمئنانُ بهَا والإعراضُ عن الآخرةِ بالكليةِ كما في قولِه تعالى: {إَنَّ الذين لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا وَرَضُواْ بالحياة الدنيا واطمأنوا بِهَا} الآيةَ، أو للكُلِّ فالمرادُ بإيثارها ما هُو أعمُّ ممَّا ذُكرَ وما لا يخلُو عنْهُ الإنسانُ غالباً من ترجيح جانبِ الدُّنيا على الآخرة في السَّعي، وترتيب المبادِي. والالتفاتُ على الأولِ لتشديدِ التوبيخِ وعلى الثَّانِي كذلكَ في حقِّ الكفرةِ وتشديدِ العتابِ في حقِّ المسلمينَ. وقرئ: {يُؤثرونَ} بالياءِ. وقولُه تعالى: {والأخرة خَيْرٌ وأبقى} حالٌ من فاعلِ تؤثرونَ مؤكدةٌ للتوبيخِ والعتابِ أي تُؤثرونَها على الآخرةِ والحالُ أنَّ الآخرةَ خيرٌ في نفسِها لمَا أنَّ نعيمَها مع كونِه في غايةِ ما يكونُ من اللذةِ خالصٌ عن شائبةِ الغائلةِ أبديٌّ لا انصرامَ لَه. وعدمُ التعرضِ لبيانِ تكدرِ نعيمِ الدُّنيا بالمنغصاتِ وانقطاعِه عمَّا قليلٍ لغايةِ ظهورِه.


{إِنَّ هَذَا} إشارةٌ إلى ما ذُكِرَ من قولِه تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَن تزكى} وقيلَ: إلى ما في السورةِ جميعاً {لَفِى الصحف الأولى} أي ثابتٌ فيها معناهُ {صُحُفِ إبراهيم وموسى} بدلٌ من الصحفِ الأُولى وفي إبهامِها ووصفِها بالقدمِ ثم بيانِها وتفسيرِها من تفخيمِ شأنِها ما لا يَخْفى. رُويَ أن جميعَ ما أنزلَ الله عزَّ وجلَّ من كتابٍ مائةٌ وأربعةُ كتبٍ، أنزلَ على آدمَ عليهِ السَّلامُ عشرَ صحفٍ وعلى شيثٍ خمسينَ صحيفةً وعلى إدريسَ ثلاثينَ صحيفةً وعلى إبراهيمَ عشرَ صحائفَ عليهم السَّلامُ والتوراةَ والإنجيلُ والزبورُ والفرقانَ.
عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم: «من قرأَ سورةَ الأَعْلى أعطاهُ الله عشرَ حسناتٍ بعددِ كلِّ حرفٍ أنزلَهُ الله تعالَى على إبراهيمَ ومُوسى ومحمدٍ عليهم السَّلامُ».

1 | 2